الصناعة المصرفية والتحولات العالمية
د.وصاف سعيدي جامعة ورقلـة
أ.وصاف عتيقةجامعة بسكرة
لقد حدثت تطورات جوهرية في الصناعة المصرفية عالميا ومحليا وخاصة مع ازدياد حدة التنافس الدولي على استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وحدوث تغيرات جوهرية في الاقتصاد العالمي، وظهور الكيانات المصرفية العملاقة، بالإضافة إلى التكتلات الاقتصادية العالمية واتساع دور الشركات دولية النشاط مع تعاظم دور الاقتصاد الرمزي. لذا فقد أصبح لزاما على القطاعات المصرفية عالميا ومحليا الأخذ بمجموعة من العوامل وتنفيذ جملة من الاستراتيجيات لمواجهة هذه التحولات العالمية ومواكبة الاتجاهات الحديثة للصناعة المصرفية، على ذلك فإن إشكاليتنا تجيب على: 1-ماهي أبرز الاتجاهات الحديثة للصناعة المصرفية في ظل التحولات العالمية ؟2-ماهي أهم عناصر الاستراتيجية المثلى اللازمة لمواجهة هذه التحولات؟
تشكل المؤسسات المالية جزءا من النسيج الاقتصادي ككل تتأثر به وتؤثر فيه، وإذا كان انتشار ظاهرة العولمة قد ترك آثارا بعيدة المدى على مختلف الأنشطة الاقتصادية، فإن إعادة صياغة العلاقات الاقتصادية على النحو الذي فرضته العولمة قد فرض الكثير من التحديات لا سيما أمام الأنشطة المالية والمصرفية، والتي تمثلت أهم ملامحها في الاتجاه المتزايد نحو التحرر من القيود وإزالة المعوقات التشريعية والتنظيمية التي كانت تحول دون انطلاق الخدمات المصرفية لآفاق أكثر رحابة وهذا ما مثل تغيرا في طبيعة الوساطة المصرفية، وقد أفرزت ظاهرة الاندماجات المصرفية كيانات عملاقة حملت معها مخاطر مواجهة البنوك الصغيرة للتهميش والإفلاس، كما يعد التقدم التكنولوجي من أهم العناصر التي ساهمت في تفسير ملامح الخريطة المصرفية الدولية، حيث ساهم في تحول عدد كبير من البنوك إلى المعاملات الإلكترونية بما فيها التجارة الإلكترونية وتقديم الخدمات المصرفية المتطورة، مما أحدث تغييرا في أنماط العمل المصرفي على النحو الذي بات يهدد الشكل التقليدي للبنك. وقد ساهمت المؤسسات الدولية بدورها في تغيير طبيعة العمل المصرفي من خلال المعايير والقواعد المصرفية والمالية الجديدة لجنة بازل في مجالي الرقابة المصرفية وكفاية رأس المال، والتي شكلت ضغوطا جديدة على البنوك في مجال تدعيم وتقوية نظامها المالي، ناهيك عن اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية التي جاء في إطار تكثيف الجهود الدولية لتحرير تجارة الخدمات المالية تحت مظلة المنظمة العالمية للتجارة. ومن هنا فقد أضحى لزاما على البنوك مواجهة تلك التحديات باتخاذ الخطوات الملائمة التي تساعدها على الانخراط في الاقتصاد العالمي للوقوف على قدم المساواة مع البنوك العالمية، وذلك من خلال إعادة صياغة استراتيجياتها وانتهاج سياسات أكثر تطورا وشمولا بهدف التكيف مع الاتجاهات الإبداعية في العمل المصرفي الدولي، وتطوير جودة الخدمة المصرفية ورفع كفاءة الأداء مما يعزز قدراتها التنافسية، و أهم محاور هذه الاستراتيجية هي التحول إلى البنوك الشاملة، والعمل على تقديم أنشطة تمويلية مبتكرة، علاوة على تعميق استخدام التكنولوجيا وتقوية قاعدة رأسمالها من خلال زيادة عمليات الاندماج بينها.