استقلالية البنك المركزي و أثرها على السياسة النقدية
أ. منصوري زين .
جامعة الشلف
على الرغم من الجدل السائد بين الاقتصاديين و الخبراء حول عدد كبير من القضايا المتعلقة بالسياسة النقدية إلا انه اصبح هناك اتفاق واسع حول أهمية منح مدى مناسب من الاستقلالية للبنك المركزي عن الإدارة الحكومية و البرلمان و أي مؤسسة أخرى باعتباره يمثل السلطة المسؤولة عن السياسة النقدية في الدول المختلفة ، بشكل يمكنه من وضع و تنفيذ سياسة نقدية فعالة في تحقيق و بقاء استقرار الأسعار ، بالإضافة إلى مساندة السياسة الاقتصادية للحكومة و ذلك باعتبار أن استقرار الأسعار يمثل عنصرا أساسيا لنمو قوي ومستمر .
و الحقيقة المؤكدة انه و لحد الآن لا توجد بنوك مركزية مستقلة تماما في إدارة المعروض النقدي و يرجع هذا إلى العلاقة الوثيقة الموجودة ما بين البنك المركزي و كل من الحكومة و البرلمان أو كلاهما و هذا منذ نشأة أول بنك مركزي بالسويد عام 1668م، حيث أن تبعية السياسة النقدية للسياسة المالية و لسياسة سعر الصرف تعد أمرا شائعا بين معظم الدول على الرغم من انخفاض عدد الدول المتقدمة التي تزداد فيها تبعية السياسة النقدية للسياسة المالية و سياسة سعر الصرف .
و من ثم فان عدم توافر الاستقلالية للبنوك المركزية لصياغة و تنفيذ السياسة النقدية في العديد من الدول سواء أكانت متقدمة أو متخلفة كانت سببا أساسيا في وجود ظاهرتين هامتين هما :
توسع حكومات الدول في عجز الميزانية الممول عن طريق الجهاز المصرفي .
تدخل البنك المركزي في سوق الصرف لتنفيذ سياسة سعر صرف حكومية قد تتعارض مع هدف استقرار الأسعار .
وقد ترتب على هاتين الظاهرتين تقييد حرية البنك المركزي في إدارة سياسة نقدية تهدف إلى تحقيق استقرار الأسعار مما كان سببا أساسيا في ارتفاع التضخم و انخفاض مستوى معيشة الفرد بهذه الدول .
لذلك تنصب الدراسة على معالجة و إثراء الموضوع و ذلك بالتركيز على العناصر التالية :
التعريف بالبنك المركزي و التعريف بمهامه و المفهوم العام لاستقلاليته .
تجارب بعض الدول في مجال استقلالية البنك المركزي و أثرها على استقرار الأسعار و النمو الاقتصادي .
التطور الفعلي و القانوني لاستقلالية البنك المركزي الجزائري و محاولة وضع نموذج مقترح لاستقلالية البنك المركزي الجزائري على ضوء تجارب الدول الرائدة في هذا المجال .