يجب على البنوك المركزية أن تبدأ الاهتمام بأسعار البيوت
فولفجانج مونشو - 08/04/1429هـ
في الأسبوع الماضي أعطى صندوق النقد الدولي البنوك المركزية بعض النصائح الهائلة*. عليها ألا تتجاهل أسعار العقارات السكنية حين تحدد أسعار الفائدة. وفي الوقت ذاته يوصي صندوق النقد الدولي البنوك المركزية بأن عليها أن تبقي على أطرها المتعلقة باستهداف التضخم. وكل هذا يبدو مقبولا جداً. ومن سوء الحظ أن الهدفين متضاربان.
السبب الذي جعل المصرفيين المركزيين يرفضون في الماضي إعطاء اهتمام واضح لأسعار العقارات والأصول الأخرى ليس بالصدفة. فنماذج التوقعات الكينزية الجديدة التي تتكهن البنوك المركزية بموجبها بالإنتاج والتضخم في المستقبل، ليس لها أي دور واضح فيما يتعلق بالأموال والأسواق المالية وأسعار الأصول. والطريقة التي تتعامل بها البنوك المركزية الحديثة مع فقاعات أسعار الأصول لا يكون لها دور إلا حين تنفجر الفقاعات ثم يأتي البنك لترتيب آثار الانفجار. وحتى يعمل الإطار الكينزي الجديد بصورة جيدة، فإن وجود مقياس صارم للتضخم ليس خطأ في التصميم، بل هو أمر أساسي.
والمشكلة أنك لا تستطيع إقحام صيغة أسعار الأصول في الأنموذج. ويمكن للبنوك المركزية بالطبع أن تحاول دائما "تفسير التفاويض الموجودة بمرونة أكثر"، كما وضعها صندوق النقد الدولي - أو الكذب حول سياستك. ويستشهد صندوق النقد الدولي بحالة ريكسبانك السويدي، الذي أبرز باستمرار هدفه للتضخم من عام 2004 إلى 2006، لكنه رفض تخفيض أسعار الفائدة. وكان ريكسبانك قلقا من فقاعة العقارات في ذلك الوقت.
وأعتقد أن البنك السويدي كان لديه هدف، لكنه لم يكن صادقاً في ادعاء أنه يضع التضخم هدفا له في وقت لم يكن الأمر كذلك. وكان سعيدا بالسماح للتضخم بتجاوز المستوى المستهدف لفترة طويلة. والهدف من الاستهداف المباشر للتضخم هو الإبقاء على توقعاتك التضخمية. فحين تشعر بالقلق من التضخم في هذه السنة ومن سوق العقارات في ستوكهولم في السنة التالية، يصاب الناس بالارتباك. والأسوأ من ذلك أن الهدفين يتطلبان في الغالب إجراء معاكسا. ومثال ذلك خلال فقاعة الائتمان والإسكان كانت أسعار الأصول ترتفع لكن التضخم كان متدنيا. والتضخم حاليا يرتفع وأسعار الأصول تنخفض، فماذا تفعل؟
لكن تحليل صندوق النقد الدولي الأساسي مصيب. فسوق العقارات السكنية تحرك دورة الأعمال. وكلما كانت سوق الرهون العقارية في البلد أكبر ازداد تأثير الإسكان على الدورة الاقتصادية وازداد تأثير السياسة النقدية على أسعار البيوت.
ويصنف صندوق النقد الدولي العديد من البلدان وفقاً لمصفوفة تأشيرية متعلقة بتحررية أسواق الرهن. وتحتل الولايات المتحدة القمة، بينما تقبع قرب القعر ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا ـ كما يمكن للمرء أن يتوقع. وتتألف هذه المصفوفة من عدد من العوامل تتضمن النسب التقليدية معدلات القروض مقارنة بالقيم. وتصنف المملكة المتحدة وإسبانيا خصوصاً، في مرتبة متدنية، وهو أمر أجده غير معقول. فأنا أصنف سوق العقارات في المملكة المتحدة بين أكثر الأسواق قابلية للتراجع ضمن دورة الائتمان. وتسبب مقرضو الرهن في المملكة المتحدة في الأسبوع الماضي، في حالة أقرب إلى الهلع بسبب التوقف عن صرف القروض الرهنية بكامل قيمة المنازل، المرغوبة على نطاق واسع للراغبين في شراء المساكن للمرة الأولى في حياتهم. وفي وقت تشهد فيه أسعار العقارات تضخماً واسعاً سيتعين على من يريدون شراء المنازل لأول مرة في حياتهم ادخار الأموال اللازمة لذلك مقدماً. ونسبة تصل إلى 90 في المائة من القروض الرهنية في سوق راكدة، أو متراجعة، يمكن أن تؤدي بسهولة إلى تراجع الطلب.
وعلى ذلك، ماذا عسى أن يفعل بنك مركزي؟ عليه أن يسعى إلى استقرار مؤشر أسعار موسع يمكن أن يتضمن ليس أسعار النفط والأغذية فقط، ولكن أن يمثل في الوقت ذاته مقياساً واقعياً لأسعار العقار. ولا أعني بذلك مكونات إيجارات، ولكن بعض عنصر من سوق العقارات السكنية ذاتها. ومؤشر التجزئة لجميع البنود في المملكة المتحدة هو مثل هذا المقياس (بما أنه يتضمن الرهونات). وأعرف أن مؤشرات التضخم الواسعة تعتبر عناصر إزعاج لمنظور البنك المركزي. ولا تتفاعل هذه المؤشرات جيداً مع إجراءات السياسات. لكن من المؤكد أن هدف السياسة النقدية لا يمكن أن يكون جعل الحياة سهلة بالنسبة لمحافظي البنوك المركزية.
وأغلب ظني أن إطار السياسات الخاصة بالكينزية الجديدة سيدخل مكب التاريخ الخاص بهياكل السياسة النقدية القائمة على القواعد كتركيبة صالحة للأيام الصحوة التي نجحت فقط حين كان التضخم العالمي متدنياً. أما والضغوط التضخمية تتصاعد، وأسعار الموجودات تتراجع، فإن الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها محافظو البنوك المركزية تجنب وقوع كارثة هي إما من خلال التخلي عن الاستهداف ضيق الأفق للتضخم المركزي، أو من خلال الخداع